تداول الذهب والنفط: العوامل الرئيسية ورؤى السوق 

تداول الذهب والنفط: العوامل الرئيسية ورؤى السوق 

تداول الذهب والنفط: العوامل الرئيسية ورؤى السوق 

تداول الذهب والنفط: ما الذي يُحرّك السوق؟ 

يُعتبر الذهب والنفط من الأصول الاستراتيجية التي تتأثر بعوامل متعددة، وهما من أكثر السلع تداولًا في أسواق الفوركس. رغم وجود بعض أوجه التشابه بينهما، إلا أن لكل منهما خصائصه الفريدة. من المهم للمتداول أن يدرك أن هناك علاقة ارتباط بين الذهب والنفط، حيث أن فهم هذه العلاقة يمكن أن يعزز من كفاءة استراتيجيته في التداول.  

دعنا نتعمق في تفاصيل العوامل المؤثرة على أسعار الذهب والنفط والعلاقة بينها:  

أساسيات تداول الذهب (أصل الملاذ الآمن)

يُعتبر الذهب من أبرز السلع الثمينة ذات القيمة العالية، وغالبًا ما يُنظر إليه على أنه مخزن للقيمة، بالإضافة إلى استخدامه في صناعة المجوهرات. إلى جانب ذلك، يدخل الذهب في تطبيقات صناعية مهمة في مجالات الهندسة والإلكترونيات والطب. يُصنف الذهب باعتباره أصلًا استراتيجيًا نظرًا لسجله الطويل في تقديم عوائد جيدة على المدى الطويل، وقدرته على التحوط من آثار التضخم.

The-Basics-of-Trading-Gold

كما يُعتبر أداة تنويع فعّالة في المحافظ الاستثمارية، لا سيما في ظل علاقته العكسية مع الأسهم خلال فترات الركود، وقدرته على تحقيق عوائد إيجابية أيضًا في فترات الانتعاش الاقتصادي. الذهب أصل عالي السيولة، لذا فإن إضافة ولو استثمار صغير في الذهب خلال عملية تخصيص الأصول سيُحسّن عوائد المحفظة المُعدّلة حسب المخاطر، لا سيما ضمن محفظة الأسهم/السندات. ستساهم هذه الخطوة في الحد من التأثير السلبي لفترات التقلبات والانخفاضات. 

أشهر طريقة للاستثمار في الذهب والاستفادة من تقلبات أسعاره هي أسواق عقود الفروقات (CFD)، والتي تُتيح للمستثمرين تداول اتجاه الأوراق المالية على المدى القصير جدًا. تتميز عقود الفروقات بانخفاض متطلبات رأس المال، وإمكانية استخدام الرافعة المالية، وخيار البيع على المكشوف، وهو ما يمنح المتداول فرصة الاستفادة من تحركات السعر سواء صعودًا أو هبوطًا.

العوامل المؤثرة على أسعار الذهب:

هناك العديد من العوامل المؤثرة على أسعار الذهب، بما في ذلك عدم اليقين الاقتصادي، والتضخم، وأسعار الفائدة، والأحداث الجيوسياسية، وقوى العرض والطلب.  

  1. العرض والطلب: 

يُعد العرض والطلب من أبرز العوامل الأساسية التي تؤثر على أسعار الذهب. المعادلة بسيطة للغاية: كلما زاد الطلب على الذهب، ارتفع سعره؛ وكلما قلّ الطلب، انخفض السعر. يشمل العرض الإنتاج من المناجم، وإعادة التدوير، واحتياطيات البنوك المركزية، والتي تؤثر جميعها في حجم المعروض في السوق. من ناحية أخرى، يتقلب مستوى الطلب على الذهب وفقًا لعوامل مختلفة مثل استخدامه في صناعة المجوهرات، والأغراض الصناعية، والطلب الاستثماري. برغم ذلك، قد ينخفض الطلب على الذهب حتى في ظل وفرة المعروض، في حالات مثل الركود الاقتصادي أو ارتفاع أسعار الفائدة أو أداء جيد لأصول بديلة، مما يؤدي لانخفاض سعره. 

  1. معدل التضخم:  

يشير التضخم إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات في اقتصاد ما. عندما تشهد الدولة معدلات تضخم مرتفعة، تفقد العملة الوطنية قيمتها، وهو ما يدفع الناس بطبيعة الحال إلى اللجوء لأصول آمنة. لهذا السبب، ترتفع أسعار الذهب عادةً خلال فترات التضخم المفرط، لأن المستثمرون يفضلون الاحتفاظ بأموالهم في الذهب كونه أصلًا يحافظ على القيمة ويزداد سعره بمرور الوقت. يُستخدم الذهب أيضًا كوسيلة للتحوّط من التضخم، لذلك يزداد الطلب عليه في هذه الظروف.  

  1. قوة الدولار الأمريكي: 

ترتبط قوة الدولار الأمريكي بعلاقة عكسية مع أسعار الذهب. بما أن الذهب مُسعّر بالدولار الأمريكي، فكلما زادت قوة العملة الخضراء، انخفض سعر الذهب. بعبارة أخرى، فإن قوة الدولار تجعل الذهب أكثر تكلفة على المشترين بعملات أخرى، مما يقلل الطلب عليه ويدفع الأسعار للانخفاض. على العكس، عندما يضعف الدولار، يصبح الذهب أرخص نسبيًا، ما يزيد من جاذبيته ويرفع الطلب، وبالتالي ترتفع الأسعار. لذلك، من الضروري مراقبة أداء الدولار الأمريكي باستمرار للتنبؤ بتحركات أسعار الذهب. 

  1. احتياطيات البنوك المركزية: 

تحتفظ البنوك المركزية حول العالم بكميات كبيرة من الذهب لتنويع احتياطياتها. ولأن البنوك المركزية مسؤولة عن استقرار عملات بلدانها، فإنها تلجأ إلى الذهب كأداة تحوط من تقلبات أسعار الصرف، اعتمادًا على قوة أو ضعف الاقتصاد. يمكن لسياسات البنك المركزي أن تؤثر على ديناميكيات العرض والطلب في السوق. فعندما يُزيد احتياطياته من الذهب، يُنظر إلى ذلك باعتباره مؤشر ثقة في المعدن الأصفر، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب عليه، حيث غالبًا ما يتبع الناس سياسات البنك المركزي؛ وبالتالي، ترتفع أسعار الذهب. على العكس من ذلك، عندما تبيع البنوك المركزية احتياطياتها، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة المعروض من الذهب، وبالتبعية انخفاض الأسعار. علاوة على ذلك، تؤثر أسعار الفائدة والسياسات النقدية التي تطبقها البنوك المركزية على أسعار الذهب. 

  1. السياسات النقدية للبنوك المركزية وأسعار الفائدة 

تلعب سياسات البنوك المركزية دورًا محوريًا في تحريك أسعار الذهب. وسواء اتبعت سياسة نقدية توسعية أو انكماشية، تتأثر أسعار الذهب في كلا الحالتين. يُعدّ توقع أسعار الفائدة أمرًا بالغ الأهمية لمستثمري الذهب، إذ يساعدهم على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن توقيت الشراء أو البيع بناءً على ذلك.  

عندما تكون سياسة البنك المركزي توسعية، فهذا يعني أن الحكومة تُزيد الإنفاق وتخفض أسعار الفائدة؛ في هذه الحالة، يكون الاستثمار في الذهب أكثر جاذبية من الاستثمارات منخفضة العائد التي لا تُدرّ دخلًا، كما تكون تكلفة الذهب أقل نسبيًا مقارنةً بالاستثمارات الأخرى. وكنتيجة لذلك، يزداد الطلب على الذهب وترتفع أسعاره. 

في المقابل، عندما تصبح سياسة البنك المركزي انكماشية، فهذا يعني أنه سيرفع أسعار الفائدة لدعم العملة وجذب الاستثمارات، وبالتالي فإن الأمر كله يتعلق بتكلفة الفرصة البديلة؛ في هذه الحالة، سيتحوّل المستثمرون صوب الأصول مرتفعة العائد، مما يقلل الطلب على الذهب، وربما يؤدي إلى انخفاض أسعاره.

أساسيات تداول النفط (سلعة الطاقة)

يشمل تداول النفط شراء وبيع النفط الخام، وهو من أهم السلع عالميًا وأكثرها قيمة. يُعتبر النفط ركيزة الاقتصاد العالمي، ومصدرًا رئيسيًا للطاقة، ومادة خام رئيسية في العديد من الصناعات. يجري استهلاك النفط على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم،  

كما أن أسعاره تتأثر بشدة بالاقتصاد العالمي والأحداث الجيوسياسية؛ أي أن أخبار كبرى أو أحداث مفاجئة يمكن أن تؤدي إلى تقلبات حادة في الأسعار. كما تؤثر ديناميكيات العرض والطلب على أسعار النفط.  

تجدر الإشارة إلى أن أسعار النفط تُشتق بطرق مختلفة، مثل خام غرب تكساس الوسيط، وهو الخام المرجعي في عقود النفط الآجلة المتداولة في بورصة نيويورك التجارية (CME)، بينما خام برنت هو معيار التسعير الدولي المستخدم في أوروبا، وسلة أوبك هي السعر الإجمالي للنفط المنتج والمُصدّر من قِبل دول أوبك، والتي تُعدّ السعودية أحد أعضائها الرئيسيين والقائد الفعلي للكارتيل النفطي. يمكن أيضًا تداول النفط من خلال عقود الفروقات، والتي تتيح لك الاستفادة من مزايا البيع على المكشوف، وانخفاض متطلبات رأس المال، والرافعة المالية. 

Benefits-of-Trading-Oil-CFDs

العوامل المؤثرة على أسعار النفط: 

تتأثر أسعار النفط بعوامل رئيسية قد تسبب تقلبات ملحوظة في السوق. 

من الضروري مراقبة هذه العوامل عن كثب لتجنب المخاطر الناتجة عن التقلبات المفاجئة. كما تُتيح متابعة العوامل الرئيسية المؤثرة في السوق للمتداول تجنب فتح صفقات جديدة أثناء فترات ارتفاع حدة التذبذب، أو إغلاق الصفقات المفتوحة لتفادي الخسائر.  

  1. العرض والطلب: 

العامل الأساسي الذي يحرّك أسعار النفط هو توازن العرض والطلب العالمي. عندما يكون العرض محدودًا، تميل أسعار النفط إلى الارتفاع. على سبيل المثال، تسببت أزمة النفط في ارتفاع الأسعار إلى ثلاثة أضعاف في سبعينيات القرن الماضي بسبب تعطل الإمدادات. أما في حالة وفرة المعروض أو ضعف الطلب، فإن الأسعار تنخفض. 

  1. النمو الاقتصادي العالمي: 

بشكل عام، ترتفع أسعار النفط خلال فترات النمو الاقتصادي العالمي، وتنخفض خلال فترات الركود. فعندما ينمو الاقتصاد العالمي، يزداد النشاط الصناعي وتتحسن حركة النقل، وبالتبعية تزداد وتيرة استهلاك الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على النفط وبالتالي ارتفاع الأسعار. أما في حالة الركود، فينخفض الاستهلاك الإجمالي لمصادر الطاقة عمومًا بسبب ضعف النشاط الاقتصادي، وهو ما يقلل بالتبعية من الطلب على النفط ويؤدي إلى انخفاض الأسعار. 

على سبيل المثال، واجه العالم العديد من الأزمات التي أثرت بشكل كبير على أسعار النفط، مثل:  

  • 2008: الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية. 
  • 2020: حرب الأسعار بين أوبك وروسيا. 
  • جائحة كورونا (COVID-19): أدت إلى تعطيل سلاسل الإمداد والطلب العالمي في كل من الدول المصدرة والمستوردة للنفط. 
  • أدت قيود الإغلاق إلى انخفاض حاد في أسعار النفط من 61 دولار في 2 يناير 2020 إلى 12 دولار في 28 أبريل 2020. 
  1. الأحداث الجيوسياسية: 

خلال الصدمات الجيوسياسية، تتأثر أسعار النفط بانخفاض النشاط الاقتصادي، واضطرابات في سلاسل التوريد، وهو ما يزيد من حدة التقلبات ويدفع الأسعار للارتفاع. على وجه الخصوص، فإن أي صراع أو حالة عدم استقرار في مناطق إنتاج النفط مثل الشرق الأوسط أو روسيا يمكن أن يعطل الإمدادات.  بالإضافة إلى ذلك، تساهم العقوبات أو الحظر المفروض على المنتجين الرئيسيين في تقليص المعروض العالمي، وهو ما يؤدي غالبًا إلى ارتفاع الأسعار. 

  1. قرارات أوبك: 

تتحكم منظمة أوبك في تنظيم إمدادات النفط بهدف التأثير على الأسعار في السوق العالمية. تضم المنظمة 12 دولة رئيسية مصدّرة للنفط. تحدد أوبك حصص الإنتاج وتقرر متى يتم تقليص أو زيادة الإنتاج، لذا تُعد قراراتها من العوامل المؤثرة بشكل كبير في حجم المعروض وبالتالي على أسعار النفط. لهذا السبب، يراقب المتداولون اجتماعات أوبك عن كثب للتنبؤ بالتحركات المستقبلية للأسعار. 

الخلاصة: 

يتطلب تداول السلع، مثل الذهب والنفط، فهمًا عميقًا للعوامل المؤثرة على أسعارها. من المهم عند تداول الأصول الاستراتيجية أن تكون على دراية بكافة العوامل الداخلية والخارجية التي قد تؤثر في السعر لتقليل المخاطر الناتجة عن تقلبات السوق. ينبع النجاح في تداول السلع من إتقان التعامل مع العوامل الرئيسية التي تؤثر على الأصل الأساسي، واختيار استراتيجية تداول فعالة، وتحديد مستوى تحملك للمخاطر. تذكّر أن التداول الناجح يتطلب انضباطًا وخطة ممنهجة، وليس قرارات عشوائية.

كتاب السوق الإلكتروني: إصدار أغسطس
الرؤى والتوقعات
كتاب السوق الإلكتروني: إصدار أغسطس
الرؤى والتوقعات

Table of Contents